اللبن الزبادي أمل جديد على الساحة الرياضية

يتساءل الكثيرون دائماً عن الطرق العديدة التي إتبعها الأقدمون في ممارسة الطب و الشفاء من الأمراض, و يركزون في تساؤلاتهم على أمراض العصر و هل كان لها هذا التأثير على القدماء أم هناك سراً من الأسرار وراء هذه الأمراض و إنتشارها في عصرنا ؟ .. ثم ما السبب وراء الذبحة الصدرية و السمنة و إرتفاع ضغط الدم ؟ و كذلك الإسهال و باقي الأمراض المعدية و ... ؟

لقد صارت هذه المسميات بمثابة القول العرضي الذي يسمعه المرء و لا يلقي له بالاً و ذلك من فرط ما تم تكراره على مسامعه , و لكن أين كانت هذه الأمراض قديماً و ما السبب في ظهورها ؟ و هل يلزم أن يكون لكل عصر ما يميزه من الأمراض و الأعراض ؟

قديماً كانت الكوليرا التي عاودت الظهور , إذن فليست الكوليرا حكراً على الماضي و ليس ضغط الدم رمزاً للحاضر, و لكن ما مدى صحة ذلك و ما السبب في ظهوره ؟

إنتشرت في الآونة الحديثة صيحة جديدة تعتمد على الطبيعة – ذلك الجبار الذي عاد ليزيح غبار العلم التطبيقي عن كاهله – و قوتها و عناصرها , إعتمدت هذه الصيحة على الأعشاب و صار لهذا الإتجاه رواد و قادة و صار المؤيدون أكثر من المعارضين , فهل نعتبر ذلك إعلاناً للعصيان على العصر أم أنها الصيحة الجديدة كصيحة الملبس و المأكل أم أنها الحقيقة التي دائماً ما تغيب في عالم البشر ؟

نعود إلى هذا التساؤل الذي يفرض نفسه دائماً و هو ما الفرق بيننا و بين القدماء الذين سبقونا ؟ يجب أن نشير إلى أن المقصود بالقدماء هم من الذين سبقونا في الزمن بمقدار خمسين عاماً أو أكثر , و هو قدر كبير تظهر فيه تقنيات عديدة في عالم الطب و العلم المتغير دائماً و الذي يعلن عن نفسه كل دقيقة و لو كانت هناك مبالغة في ذلك إلا أنها الحقيقة التي يجب أن يرتكز عليها حديثنا .

و من قال إن القدماء لم يعانوا ضغط الدم ؟ هذا الكلام ليس صحيحاً في مجمله فقد تناقلت إلينا الأنباء عن حالة الإغماء و العمى المؤقت اللذين يعودان إلى حالتهما الطبيعية بعد عملية يطلق عليها ( التشريط ) , كانت قديماً تتم دون معرفة السبب أما الآن و نحن في القرن الحادي و العشرين نقول إن عملية ( التشريط ) تلك تخلص الجسم من بعض ما به من دماء مما يؤدي إلى خفض ضغط الدم و يعود الشخص إلى حالته الطبيعية .

ثم العدو اللعين الذي يقال عنه إنه حديث ألا و هو ( الكوليسترول ) و الجديد في ذلك هو عملية التصنيف التي يتعرض لها الكوليسترول من حيث كونه عالياً أو منخفض الكثافة و ذلك هو الجديد , أما الصيحة الجديدة التي تدعو إلى الإقلال من الدهون فهي صحيحة إلى حد بعيد, و لكن من قال إن القدماء عرفوا ذلك و أقلعوا عن الدهون ؟ هذا لم يحدث و الأنباء كثيرة و متعددة و متفرقة عن هؤلاء الذين كانوا يأكلون أكبر قدر من الدهون يحصلون عليها, و مع ذلك لم نسمع عن أن الكوليسترول أثر على صحة أحدهم أو أن واحداً منهم توفي متأثراً بالذبحة الصدرية الناشئة عن ضيق في الأوردة أدت إلى إنحصار الدم و عدم وصوله إلى المخ و عضلة القلب أدى إلى .. لم نسمع عن ذلك و السبب هو هذه التكنولوجيا التي يسرت على المرء حركته و جعلته يؤدي كل أعماله إما عن طريق الضغط على أحد الأزرار أو عن طريق الهاتف أو بنظرة من عينة اليسرى يتم أداء كل شيء قبل أن يصل النبض العصبي إلى جفنه لكي يتحرك , فهذه بعض مميزات عصر التكنولوجيا و لكن ما لا يخفى عنا أن الراحة أدت إلى المرض !!

نعم .. فإقتصار الحركة على البنصر و الجفن و إصبع القدم أدى ذلك إلى ترسب الكوليسترول على جدر الأوعية الدموية , و نتج ذلك عن عدم حرق الدهون و حرق الدهون يتم عن طريق الحركة , و يبدو أنهم بقولهم ( إن الحركة بركة ) لم يكونوا مخطئين و هذا ما جنبهم شرور هذه الأمراض , فالفرد فيما مضى كان يعمل طوال يومه بنشاط يضاهيه فقط التدريب الشاق في صالات كمال الأجسام , ثم إن الفرد فيما مضى إعتمد على الأرض في غذائه و خصوصاً على عناصر إستغلها العلم الحديث مثل البصل و الثوم, و قد أثبت العلم الحديث أن الثوم يجنب الفرد العديد من الأمراض و على رأسها السرطان و ضغط الدم المرتفع , و البصل له فوائد عديدة , أما اللبن الزبادي ( اليوغورت ) فله حديث طويل معنا ليذكرنا أن له القدرة على مجابهة السرطان و إرتفاع نسبة الكوليسترول في الدم و الإسهال و تجنب الأمراض المعدية .

و ليس هذا فقط و لكن أيضاً الشفاء من هذه الأمراض و ما قام به الباحثون في نطاق اللبن الزبادي فهو قصة قائمة بذاتها نذكرها في حينها, و لكن يجب أن نصغي إلى حديث النفس مع اليوغورت لندرك الهدف منه  كيفية توجيهه في بناء صحة سليمة في حاجة ماسة إلى التقوية في ذلك العصر.

نظرة عامة على اللبن الزبادي ( اليوغورت )

يمكن تعريف اللبن الزبادي ( اليوغورت ) إجمالاً على أنه لبن مضاف إليه نوعان من البكتريا لهما المقدرة على هضم سكر اللبن المعروف باللاكتوز و تحويله إلى سكر أحادي على صور جلوكوز و جالاكتوز يسهل إمتصاصهما .

و المعروف أن نسبة كبيرة من الأفارقة و الآسيويين و سكان أمريكا الشمالية الأصليين و سكان إقليم البحر المتوسط يجدون صعوبة بالغة في هضم لاكتوز اللبن , و لكن البكتريا المستخدمة في تصنيع اللبن الزبادي تستطيع تكسير هذا السكر الثنائي إلى سكريات أحادية يسهل إمتصاصها لدى غالبية أفراد الشعوب.

و هكذا ينصح خبراء التغذية الأفراد الذين يعانون التقلصات و الإنتفاخ و الإسهال من تناولهم اللبن السائل أن يفسحوا المجال للبن الزبادي لعلاج هذه الأعراض, فبهذه الطريقة يمكنهم إحلال مادة غنية بالكالسيوم بمادة أخرى غنية بنفس العناصر.

و لم تتوقف الأبحاث عند هذا الحد بل إن خبراء التغذية بجامعة ( مينيسوتا ) و على رأسهم خبير اليوغورت  د. دنيس سافيانو أقروا ان إضافة بكتريا جديدة إلى اللبن تزيد من المنافع التي تعود على اليوغورت , و تتمثل هذه البكتريا في نوع يسمى ( Lactobacillus acidophilus ) .

يعتبر اليوغورت هو الغذاء الوحيد الذي يصلح لكل الأعمار و قد تمت العديد من الأبحاث التي صدقت على ذلك, و ليس هذا فقط و لكن أيضاً القدرة الجبارة التي يتمتع بها اليوغورت في علاج كثير من الأمراض و الحد من إنتشار البعض الآخر , و تعد هذه الأبحاث بارقة أمل جديدة للعديد من المرضى الذين يعانون بعض الأمراض الفتاكة مثل سرطان الثدي و الذبحة الصدرية.

دور اللبن الزبادي في علاج السرطان

أقرت أبحاث عديدة في الدول الأوروبية بقدرة اليوغورت على الإقلال من المصاعب الناجمة عن العديد من الأمراض و أهمها على الإطلاق مرض السرطان و خصوصاً سرطان الثدي , و قد وجد بالتجربة العملية أن تناول اليوغورت بكميات كبيرة تؤدي إلى الحد من خطورة التعرض للسرطان.

و لم تتوقف هذه الأبحاث على دراسة قدرة اليوغورت و لكنها إتسعت لتشمل جميع أنواع الألبان التي تم تخميرها بإستخدام الأنواع العديدة من البكتريا, و لكن كيف تتكون القدرة لدى اليوغورت على الحد من مرض السرطان ؟

وجد أن قدرة اليوغورت تكمن في البكتريا التي يحتوي عليها ( Lactobacillus acidophilus ) حيث عن هذه البكتريا لها القدرة على منع أنواع أخرى من البكتريا في الأمعاء الكبرى من خلق عوامل منشطة للسرطان إما من الطعام الذي نتناوله أو من العصارة الصفراوية التي تفرز عن طريق الكبد من الحوصلة الصفراوية في حالة هضم الدهون .

و قد أجرى احد الأبحاث في المركز الطبي البريطاني على 21 متطوعاً تناولوا لبناً مضافاً إليه بكتريا ( Lactobacillus acidophilus ) لمدة تصل إلى أربعة أسابيع و بعد إنقضاء فترة البحث وجد أن نشاط البكتريا الضارة في الأمعاء الكبرى إنخفض إلى النصف أو الربع في بعض الأشخاص بالمقارنة بالأفراد الذين لم يتناولوا البكتريا من اللبن .

و قد أجري بحث مماثل في السويد إعتمد على تناول 11 متطوعاً للحم المشوي بالإضافة إلى اللبن المزود بالبكتريا و قد وجد أن العناصر المسئولة عن الإصابة بالسرطان إنخفضت بصورة ظاهرة في خلال ثلاثة أيام من إجراء البحث ذلك بالمقارنة بالأفراد الذين تناولوا نفس المواد الغذائية دون إضافة البكتريا إلى اللبن الذي تناوله.

الكوليسترول و الذبحة الصدرية

هل لليوغورت القدرة على الإقلال من الكوليسترول ؟ عند إجراء البحث في جامعة مينسوتا وجد أن اليوغورت يقلل من الكوليسترول و عند تكرار نفس التجربة وجد أن اليوغورت ليس له تأثير , و قد إستنتج الباحثون من ذلك أن هناك فصائل من بكتريا ( Lactobacillus acidophilus ) لديها المقدرة و أخرى تنقصها القدرة على الحد من نسبة الكوليسترول , و من ذلك يبدو أن الفصائل التي لها هذه القدرة تعمل كما لو كانت نوعاً من الإسفنج لديه المقدرة على إمتصاص الكوليسترول من الأمعاء و بالتالي يحد بصورة غير مباشرة من الذبحة الصدرية القاتلة , و هناك الفصائل الأخرى ليس لديها هذه الكفاءة و هكذا يبدو أن البحث الذي أجرى في جامعة مينسوتا لم يقدم النتيجة النهائية حتى الآن.

الإسهال
أجري احد الأبحاث في جامعة ولاية أوكلاهوما و إستطاع الباحثون فصل إحدى الفصائل البكتيرية التي لها القدرة على الحد من الإسهال الذي ينتاب المسافرين و الإسهال الذي يتعرض له الرضع في مراحلهم الأولى, و من سوء الحظ أن هذا النوع من البكتريا المسمى ( Lactobacillus casei GG ) لم يستخدم على نطاق واسع حتى الآن.

و هكذا يفرض اليوغورت نفسه على الساحة الطبية و من الأولى أن يكون غذاء للرياضي للفوائد التي يمكن أن تعود عليه من جراء تناوله , فقد أثبتت التجربة أن الطب و الرياضة فرعان لا يمكن الفصل بينهما.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أقراص خلاصة الكبد و لاعب كمال الأجسام

السيلينيوم و فوائده و وظيفة الغدة الدرقية