أقراص خلاصة الكبد و لاعب كمال الأجسام

تطالعنا الأنباء كل يوم و ليلة بكل ما هو جديد في عالم الطب و فروع التغذية في ذلك العالم المتغير الذي عادة ما ينقسم على نفسه إلى طوائف و جماعات, فتارة نسمع أن العنصر ( س ) على سبيل المثال هو القائم بوظائف مساعدة للجهاز الحيوي المناعي , و تارة أخرى يتغير المنطوق ليظهر معين آخر له و هكذا ... فكل يوم هناك ما هو جديد , و لكن كيف يؤثر ذلك على الساحات الرياضية و خصوصاً ساحة كمال الأجسام ؟ فالكل يسعى وراء كل ما هو جديد بحثاً عن أفضل النظم الغذائية و الطبية.
فالتداخل في الآراء زاد اليوم عن سابقه, و ذلك يؤثر بصورة بالغة الخطورة على الساحة الرياضية و خصوصاً مجتمع كمال الأجسام.

فالنشرات الطبية التي تستحث الأفراد على تناول بعض الأغذية و تحذر من تناول البعض الآخر زادت بصورة مذهلة , و قد زاد الآن الحديث عن المكملات الغذائية و فائدتها و قدرتها على زيادة معدل التمثيل الحراري البنّاء و الحد من عمليات الهدم و مساعدتها للرياضي في التحميل الزائد , ثم تظهر بعض الأقلام التي تحذر من أن النوع المذكور من هذه المكملات الغذائية يجب أن يتجنبه الرياضي فهو يحتوي على ما يؤثر سلبياً على صحته و هكذا تتشعب الآراء و لا تلتقي عند رأي موحد.

و لكن هل يظل الطب الرياضي بهذا الشكل ؟! إن هذه التداخلات كانت فيما مضى و منذ عشرات السنين و لكن الآن و بعد الطفرة الهائلة الحادثة في ميدان الطب الرياضي تغير الحال و تحولت الأنظار إلى مجتمع الأغذية الجديد حيث العودة إلى الطبيعة مرة أخرى لتناول الخضراوات و الفواكه الطازجة و نقبل على اللحم الأحمر من جديد ! و لكن مع التحذير البالغ من الدهون ذلك العدو الذي يهدد الساحة الرياضية بأكملها , فالدهن يعد المتسبب الأول في الكثير من الأمراض و على رأسها الذبحة الصدرية و أمراض الشريان التاجي و غيرها الكثير.

 و يحدثنا د. أنتوني روكار أحد الرياضيين المشتغلين بالطب أنه عندما أصيب بعجز مؤقت في عضلات منطقة الظهر أقعده عن التدريب و التنافس عام 1979 م , لجأ إلى مصدر يعلمه كيفية التعامل مع الأوزان ليكون بذلك بمثابة المرشد الأول له , و كان مرشده في ذلك الوقت هو صاحب صالة الجمنازيوم ( رون روسيل ) الفائز ببطولة آلاباما أعوام ( 59, 60, 61 ) على التوالي و الذي يعد موسوعة في المعلومات الرياضية , ثم لجأ بعد ذلك إلى جو وايدر أشهر مدربي كمال الأجسام ثم لجأ إلى أرنولد شوارزنجر أفضل لاعب كمال أجسام على مر العصور .

و يقول أنتوني روكار و بمساعدة هؤلاء إستطعت أن أغزو ساحة كمال الأجسام و أنا في السابعة عشر من عمري و بوزن قدره 65 كجم, و أقصد من ذلك أن المرء يجب أن يتجه إلى أصحاب الرأي الصحيح و لا يتخبط بين هذا و ذاك حتى يصل إلى أفضل النتائج.

و بعد 14 عاماً من ذلك تغير الوضع تماماً, كما تغيرت بعض المفاهيم الرئيسية و هذا لحسن الحظ, فعلى سبيل المثال كانت بعض المفاهيم القديمة تنص على أن لاعب كمال الأجسام يجب أن يحد من تناول المواد الكربوهيدراتية و لكن الآن صار العكس تماماً فخبراء التغذية يفرضون تناول المواد الكربوهيدراتية على الساحة الرياضية عموماً , فهذه المواد هي المصدر الأساسي للطاقة و بناء الأنسجة العضلية .

كثير من المفاهيم القديمة في التغذية قد تغيرت و لكن هناك بعض المفاهيم الأخرى التي يصر عليها البعض و مازالت متداولة حتى يومنا هذا , فعلى سبيل المثال تعد أقراص خلاصة الكبد من المكملات الغذائية ذائعة الصيت في الساحة الرياضية و خصوصاً بين لاعبي كمال الأجسام , و كانت هذه الأقراص هي الأقراص المفضلة لمشاهير لاعبي كمال الأجسام حتى أنهم ينصحون بهذا الكثير من الرياضيين .

و لكن كما هو الحال يظهر كل يوم الجديد على الساحة , فقد تناول الباحثون أقراص خلاصة الكبد بنوع من التفصيل حتى أنها لم تعد بذلك الغموض بالقدر السابق , و لكن يجب ألا يتخيل البعض أن هذه الأقراص ذات تأثير بالغ في زيادة الهرمونات أو تقوية الناحية الفسيولوجية لكثير من الأعضاء الحيوية أو أنها ذات تأثير مماثل لبعض العقاقير.

و لكن ما يجب أن يعيه العض هو أن هذه المكملات الغذائية من أقراص خلاصة الكبد إنما هي ذات تأثير مساعد للاعبي كمال الأجسام و لكثير من الرياضيين , و إذا إستطعنا أن نعود بالساعة الزمنية إلى الوراء بضع عشرات من السنين لنرى القدر الذي كانت تتميز به هذه الأقراص منذ زمن بعيد من كونها أفضل المكونات الغذائية على الإطلاق , بل لا تندهش عندما تسمع أن الرياضيين فيما سبق كان الواحد منهم يتناول أكبر قدر من أقراص خلاصة الكبد في صورة مكملات غذائية حتى لو كان إستهلاك الواحد منهم يتعدى المائة قرص يومياً من المكملات الغذائية في صورة أقراص خلاصة الكبد.
و عند تحليل محتويات هذه الأقراص نجد أن غالبيتها عبارة عن مسحوق بروتيني بجانب مادة ( الهيم ) في صورة صلبة , و ( الهيم ) هذا هو حديد الدم.

و قد قام احد الباحثين بتجربة كانت الأولى من نوعها حيث إن التجربة مليئة بالمتعة و الإثارة و تتضمن هذه التجربة الأثر البالغ لأقراص خلاصة الكبد التي يمكن أن تزيد من القوة و القدرة على الإحتمال و الجَلَدْ و المثابرة و تمكن الفرد من الأداء المحكم.

و قد قدم هذا البحث إلى جامعة بنسلفانيا التي أقرت صحته و يبقى أن نذكر إسم الباحث و هو ب. ھ  إيرشوف , و قام هذا الباحث بتقسيم مجموعة من فئران التجارب إلى ثلاث مجموعات, و قام إيرشوف بوضع هذ المجموعة تحت نظام غذائي محكم مدته 12 أسبوعاً, المجموعة الأولى تخضع لتناول أغذية ترتفع فيها نسبة الفيتامينات و الأملاح المعدنية, و المجموعة الثانية تتناول نفس القدر من الفيتامينات و الأملاح المعدنية بجانب فيتامين ب بجميع طوائفه ( ب1, ب2, ب6, ب9, ب12, ب المركب ) ذلك بالإضافة إلى مسحوق خميرة البيرة.

أما عن المجموعة الثالثة فإنها تتغذى على الغذاء المعتاد الذي يتكون 10% منه من أقراص خلاصة الكبد , ثم بعد إنقضاء فترة النظام الغذائي أخذ الباحث الفئران واحداً تلو الآخر ووضعها في صندوق به ماء حتى لا تستطيع القفز منه و لا يكون أما الفئران إلا السباحة أو الغرق في الماء.

و ما حدث هو أن المجموعة الأولى إستمرت في الباحة فترة زمنية قدرها 13,2 دقيقة, أما المجموعة الثانية فقد إستمرت في السباحة فترة زمنية قدرها 13,4 دقيقة , و لكن المجموعة الثالثة التي تم تغذيتها على أقراص خلاصة الكبد فقد إستمرت تسبح لفترة تجاوزت الساعتين حتى اوشكت التجربة على الإنتهاء و لم يحدث لها أي تعب.
و قد إستنتج الباحث من ذلك أن أقراص خلاصة الكبد هي السبب في ذلك حيث جعلت الفئران تسبح عشرة أضعاف القدر الذي سبح له الفئران الأخرى.

و من ذلك يجب أن نعلم أن أقراص خلاصة الكبد تعد من أفضل المكملات الغذائية التي تعزز القدرة على التحمل و الجَلَدْ عند الرياضيين وتزيد من قوتهم البدنية , و لكن ليس معنى هذا ألا يتناول غير الرياضيين أقراص خلاصة الكبد بل على العكس فإن هذه الأقراص تزيد من اللياقة البدنية و الجسمانية و يجب أن يتناولها الكثير و الكثير من الناس.

و يجب أن نتعرض إلى وجهة النظر العلمية في تلك الأقراص السحرية لنجد أن مخزون الكبد يتكون من حوالي 70 % بروتين عالي الجودة من الأحماض الأمينية الثمانية الأساسية التي لا يتم تخليقها داخل الجسم و هذه الأحماض كالتالي : الأرجنين , الهيستيدين , الأيزوليوسين , الليسين , الليوسين , الميثيونين , الفينيل ألانين , الثيريونيين , كما أن مخزون الكبد يعد مصدراً بالغ الثراء لفيتامين ( ب ) بجميع أنواعه و خاصة فيتامين ب 12 , كما أن الكبد يعد مصدراً غنياً لفيتامينات ( أ , ج , د ) و الأملاح المعدنية مثل الفسفور و النحاس و الزنك و الكروم و الحديد طبعاً ( الهيم ) .

و كما نعرف أن خلايا الدم الحمراء هي المسئولة عن نقل الأكسجين إلى جميع الأنسجة في الجسم , و ( هيم ) الحديد هو المسئول الأول عن مقدرة الهيموجلوبين لأداء هذه العملية , كما أن هيم الحديد هو أفضل أنواع الحديد إمتصاصاً كما أنه يعد من أكثر أنواع الحديد وجوداً في صورة حيوية , و أفضل مصدر لهيم الحديد هو الكبد على صورته الطبيعية , غير أن تناول الكبد في هذه الصورة الخام ليست فكرة صائبة حيث أن الكبد في هذه الحال يكون غنياً بالدهون و الكوليسترول , كما أن الكبد تقوم بعملية تخليص الجسم من السموم العالقة بالأغذية و لذا فهي تحتوي على نسبة من هذه السموم, فعلى سبيل المثال عندما تتغذى الماشية على أغذية تم رشها بالمبيدات الحشرية لمكافحة الآفات , أو تم حقنها بعقاقير خاصة لزيادة الهرمونات فإن هذه السموم جميعها تتجمع من كافة أنحاء الجسم و تصب جميعها في الكبد.

و لكن أقراص خلاصة الكبد من أنقى مصادر للهيم والمنتجات الكبدية حيث أنها قد تم تنقيتها عبر المعالجة و التجفيف , و يجب أن نعلم أن جرام واحد من خلاصة الكبد ينتج من إستخدام أربعة جرامات من الكبد الخام و لذلك فهو مصدر عالي الكثافة من الناحية الغذائية .

و لذلك تعد أقراص خلاصة الكبد من أفضل العناصر التي تمد الجسم بغالبية إحتياجاته من البروتين و هيم الحديد و العناصر الأساسية للتغذية اليومية , و لذلك يجب أن نضع في الإعتبار أن أقراص خلاصة الكبد هي من أفضل المصادر للطاقة الطبيعية و لذلك فلا غنى عنها للرياضيين و خصوصاً لاعبي كمال الأجسام , و هذه ليست دعوة حديثة و لكنها قديمة و يحرص عليها لاعبو كمال الأجسام منذ زمن بعيد.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اللبن الزبادي أمل جديد على الساحة الرياضية

السيلينيوم و فوائده و وظيفة الغدة الدرقية