المواد الكربوهيدراتية السائلة و أثرها في الأداء الرياضي


يعد فرع التغذية من الفروع الطبية الهامة التي ظهرت مؤخراً و إنتشرت و تقدمت بصورة سريعة و تكاد تكون سابقة للعديد من الفروع الطبية الأخرى , و ساعد في ذلك هذا التقدم المذهل لميادين الرياضة و خاصة أروقة كمال الأجسام, فقد نوقش العديد من القضايا التي تهتم بتغذية لاعبي كمال الأجسام , و قد حضرها العديد من المهتمين بهذا المجال إلى جانب الكثير من الرياضيين الممارسين للعبة , و قد تم إجراء إستفتاء بين اللاعبين عن أهمية التغذية و نظرة اللاعبين لها .. و كانت النتيجة مذهلة بل فاقت كل التوقعات حيث علق العديد من الرياضيين بأنهم دائماً ما يقومون بحساب كل جرام من المواد الغذائية التي يتناولونها خاصة المواد الكربوهيدراتية و ذلك بغرض حساب كل سعر حراري تحتاج إليه أجسامهم كي يتم أداء البرنامج التدريبي كاملاً.

و قد علق آخرون بأن توقيت هضم المواد الكربوهيدراتية يجب أن يوضع في الإعتبار كي تتم الإستفادة الكاملة من هذه المواد على أفضل صورة و لزيادة الحد الأقصى لإعادة التأهيل و الطاقة اللازمة لأفضل أداء, فليس على الرياضي تحديد الزمن الذي يتناول فيه هذه المواد الكربوهيدراتية أو بمعنى آخر ليس المهم هو التوقيت و لكن الأهم هو أن تمتص هذه المواد بأقصى سرعة كي تتم الإستفادة الكاملة منها, إما في التدريب أو ف تخزين هذه المواد على هيئة جليكوجين حيواني تتم الإستفادة منه فيما بعد عند الحاجة إليه.

و توجد المواد الكربوهيدراتية على هيئة سوائل يمكن للمتدرب تناولها دون مشقة و لكن يتأتى له ذلك عند إدراكه لمفهوم الإمتصاص و أي السوائل الكربوهيدراتية التي يسمح له بتناولها و الطريقة المثلى لتناول هذه المواد السائلة .
و عند إهمال الرياضي لهذه المبادئ الضرورية فإنه يحصل على جسم ممتلئ أكثر منه رياضي و بالتالي يحتاج لمزيد من الجهد و الوقت كي يستعيد ما فقده نتيجة إهمال هذه الأوليات.
و لكن كيف يتفهم الرياضي الممارس لكمال الأجسام طبيعة هذه المواد و الطريقة المثلى لتناولها ثم كيف يعي المعنى الكلي للإمتصاص , هذا ما سنحاول أن نجيب عنه فيما يلي.

لاعب كمال الأجسام و المواد الكربوهيدراتية
يجب أن نوضح ما المقصود بتناول المواد المربوهيدراتية السائلة و خاصة بالنسبة للاعبي كمال الأجسام, فالمعروف أن المواد الكربوهيدراتية السائلة قد صنفها علماء التغذية على أنها سلاح ذو حدين ! و يمكن تفسير ذلك التصنيف على أن المواد الكربوهيدراتية السائلة تساعد الرياضي على تعويض الماء حيث أن المواد الكربوهيدراتية السائلة يمكن أن تحل محل الماء و ذلك في الوقت الذي يكون فيه الرياضي في حاجة ماسة إلى المواد الغذائية أكثر من حاجته إلى الماء و ذلك بعد أداء التمرينات الرياضية .

كما أن البرنامج الرياضي دائماً ما يحتاج إلى مصدر غذائي غني بالطاقة و أكثر هذه المواد هي الجلوكوز و هو الناتج الرئيسي لعملية التمثيل الغذائي للمواد الكربوهيدراتية , و يساعد الجلوكوز الرياضي على أداء برنامج تدريبي كامل.

و لكن لماذا يقبل الرياضي على تناول المواد الكربوهيدراتية السائلة ؟
هناك عدة أسباب للإجابة عن هذا التساؤل أولها أن الأبحاث التي تصدت لهذا المجال أثبتت أن الرياضيين يتناولون السوائل الممتزجة بالجلوكوز ( الكربوهيدرات السائلة ) أكثر من المحاليل التي تنقصها المواد السكرية و يرجع ذلك إلى المذاق الذي تتميز به هذه السوائل , و السبب الثاني لإقبال الرياضيين على تناول المحاليل المذاب فيها الجلوكوز هو أن تناول الجلوكوز يحفز عملية إمتصاص الصوديوم في الجسم و بالتالي فإن نتيجة إمتصاص الصوديوم هو إمتصاص الماء و ذلك معروف لدى معظم الرياضيين , و يمكن إجمال ذلك في أن تناول القدر الكافي من الجلوكوز يؤدي إلى ظهور مجال مناسب لإمتصاص الماء و بالتالي الوصول إلى التركيب الأمثل للسوائل في الجسم و إسترجاع السوائل المفقودة في أثناء التدريب.

و لذلك فإن لاعب كمال الأجسام يحتاج دائماً إلى الماء و الجلوكوز قبل و في أثناء و بعد التدريب, و هكذا يبدو أن الماء و الجلوكوز معاً يكونان محلولاً فعالاً و ذا آثار بالغة الأهمية .
و يبدو كما سبق أن الرياضي يدرك جميع هذه الأسباب حتى أنه يشعر بإنخفاض مستوى جلوكوز الدم في فترة أدائه للتمرين و بالقرب من نهاية التمرين , كما أن الرياضي يدرك أنه دائماً في حاجة ماسة إلى السوائل حتى قبل أن يصل إلى مرحلة العطش.

و لكن كيف يدرك الرياضي طبيعة السائل المناسب الذي يمده بما يحتاج إليه ؟
يظن العديد من الرياضيين أن ما عليهم إلا تناول هذه السوائل الغنية بالجلوكوز و بالتالي و بمجرد دخول الجلوكوز إلى الجسم تستفيد به الخلايا العضلية و لكن هذا الكلام غير صحيح و يحتاج إلى كثير من التوضيح ! فعند تناول هذه السوائل أول مكان تذهب إليه هو المعدة ثم عبر الأمعاء الدقيقة التي يتم خلالها الإمتصاص فتتجه هذه المواد بعد عملية الهضم إلى الدم , و هنا تكمن المشكلة حيث أن الفترة الزمنية التي يستغرقها المحلول للوصول إلى الخلايا العضلية مروراً بالمعدة و الأمعاء الدقيقة و الدم تعتبر فترة زمنية طويلة و قد تم تسميتها ( بمعدل التفريغ الهضمي ) و لكن ما العامل المتحكم في هذا المعدل و بالتالي نسبة الإستفادة من هذا المحلول ؟
نسبة الإستفادة من هذا المحلول الكربوهيدراتي تتوقف على مكوناته و تركيز هذه المكونات في السائل الذي يدخل إلى المعدة و ينتظر الرياضي الإستفادة منه.

تركيز المواد الكربوهيدراتية
يعتقد الكثيرون أن زيادة تركيز الجلوكوز الذي يتناوله الرياضي يؤدي إلى نتيجة أفضل , و لكن هذا إعتقاد خاطئ , فعندما يزداد تركيز المواد الكربوهيدراتية في السوائل التي يقبل على تناولها الرياضي فإن ذلك يؤدي إلى زيادة التوتر ويرجع ذلك التوتر إلى أن هذه المواد يزداد تركيزها عن تركيز سوائل الجسم مما يؤدي إلى خلق ضغط عالي داخل المعدة و بالتالي تغير إتجاه السوائل من خارج المعدة إلى داخلها رغبة في معادلة التركيز حول الغشاء البريتوني المبطن للمعدة و يبدو ذلك مضاداً لما يحاول الرياضي عمله عند تناوله للسوائل.

و ما يحدث هو أن السوائل تتجه من مجرى الدم إلى المعدة مما يؤدي إلى إنخفاض في تركيز بلازما الدم , كما أن ذلك سيؤدي إلى زيادة تركيز السوائل في القناة الهضمية مما يؤدي إلى بعض الإضطرابات المعوية و إصابة الفرد بالإسهال.

و لكن كيف يدرك الرياضي أن السوائل التي يتناولها ذات تركيز مناسب ؟
يمكن تحديد ذلك من الطعم , فعند تناول الرياضي لهذه السوائل فعليه أن يحدد مذاقها فإن كانت شديدة الحلاوة و يشعر بالإمتلاء و التخمة بعد تناوله لهذه المواد فإن هذه المواد تعد ضمن السوائل ذات التركيز العالي , و لكن من الأجدر تحديد نسبة السكريات من النشرة التابعة لك عبوة كي يحدد الرياضي النسبة الملائمة له.

و العبوات ذات التركيز المناسب يجب أن يتراوح محتواها بين 6-8% من السكريات الأحادية البسيطة. كما أن المحاليل ذات التركيزات المرتفعة تختزل معدل إمتصاص الماء كما أنها تحد من معدل التفريغ الهضمي و بالتالي يقل معدل الإمتصاص.

و على الجانب الآخر فعند تناول محاليل يقل فيها التركيز بصورة ملحوظة فإن ذلك يساعد على إمتصاص الماء بصورة كبيرة و لكن الطاقة اللازمة لداء التمرين تقل إلى صورة خطيرة مما يؤثر على طبيعة التدريب و بالتالي الإستفادة منه كما أن ذلك يؤثر بصورة ملحوظة على عملية تكوين و تخزين الجليكوجين الحيواني الذي تقل نسبته في الجسم.
و إن كان المتدرب يحرص على تناول المواد الكربوهيدراتية عالية التركيز فعليه أولاً أن يقوم بتخفيفها بعض الشيء ثم يتناولها بجرعات كبيرة.

أفضل أنواع الكربوهيدرات
يعد الجلوكوز المتعدد من أفضل أنواع المواد الكربوهيدراتية التي لها القدرة على الإحلال محل السوائل و تعويض مستوى جلوكوز الدم, و الجلوكوز المتعدد هذا عبارة عن سلسلة طويلة من الجلوكوز يوجد على سبيل المثال في ( المالتودكسترين ) و هذا النوع من المواد الكربوهيدراتية يمتاز بوجود السلاسل الغذائية المتكونة من الجلوكوز و التي لها المقدرة على إمداد الجسم بالطاقة و في وقت قصير.

و لكن هذا الوقت القصير يكون بمثابة الوقت الذي لا يسمح بالزيادة المفاجئة في تركيز جلوكوز الدم, و يمكن إعتبار ذلك من النتائج السيئة حيث أن إرتفاع مستوى السكر في الدم يؤدي إلى إرتفاع مستوى الأنسولين و بالتالي خفض نسبة السكر في الدم بصورة ملحوظة مما يؤدي إلى نقص الطاقة و هذا يسبب التقلص العضلي.

و في حالة غياب الجلوكوز المتعدد فإن إتحاد الجلوكوز و الفركتوز و السكروز يعد من أفضل التراكيب , و المادة المركبة المتكونة من هذه السكريات الثلاثة تؤدي إلى الإستفادة المثلى من طرق عبور كل سكر على حدة خلال جدار الأمعاء الدقيقة.

و عند مقارنة السكريات الأحادية مع بعضها البعض فإن الجلوكوز يبدو الأفضل في هذه السكريات حيث أن مرور جزئ الجلوكوز عبر جدار الأمعاء الدقيقة يتبعه أيونان من أيونات الصوديوم مما يسهل عملية المرور أكثر من حالة الفركتوز ( سكر الفاكهة ) و السكروز ( سكر المائدة ) , و هكذا فإن إمتصاص الجلوكوز أفضل من إمتصاص النوعين الآخرين.

الدور الذي يلعبه الصوديوم
لا يعد الصوديوم من الأصدقاء المهجورين في أروقة كمال الأجسام و لكن يجب أن ندرك متى يكون الصوديوم صديقاً حميماً و متى يجب أن نتجنبه ! ففي حالة تناول الكربوهيدرات السائلة التي تحل محل السوائل في الجسم فإن الصوديوم له دور فعال في ذلك و لكن ليس له دور في تسهيل حركة الماء إلى مجرى الدم.

و من المعروف أن أيونات الصوديوم توجد بصورة كثيفة خارج غشاء الخلية و عندما يعرق الإنسان فإنه يفقد كميات كبيرة منه , و عند عدم إسترجاع فإن الماء يفقد من داخل الخلية نتيجة لنقص الصوديوم خارج الغشاء الخلوي , و لذلك يمكن للفرد تناول بعض أملاح الصوديوم ضمن غذائه لتقليل الإنكماش الحادث في الخلايا العضلية و نقص تركيز البلازما الناشئ عن فقد الصوديوم.

و هكذا فإن هذا الإلكتروليت الهام يجب أن يتم تناوله ضمن وجبات الرياضي الغذائية لتجنب الآثار الضارة الناشئة عن فقده و مما سبق يتضح أن السوائل الكربوهيدراتية هي الصيحة الجديدة في عالم الطب الرياضي الخاص بفرع التغذية , فبعد إمتناع الرياضيين عن تناول المواد الكربوهيدراتية لسنين عديدة أثبتت الدراسات أن المواد الكربوهيدراتية هي خير طريق لبناء تكوين عضلي ثم ظهرت المواد الكربوهيدراتية التي يصح أن نطلق عليها ( سابقة التجهيز ) حيث أن الجلوكوز المضاف إلى السوائل التي يمكن تناولها تمد الجسم بالمواد الكربوهيدراتية في أبسط صورها و بأسرع طريقة لتعويض الجسم عن الفاقد في أثناء التدريب الرياضي الشاق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اللبن الزبادي أمل جديد على الساحة الرياضية

أقراص خلاصة الكبد و لاعب كمال الأجسام

السيلينيوم و فوائده و وظيفة الغدة الدرقية