إحذر الجرعات الزائدة من هرمون النمو

كثرت في الآونة الأخيرة ظاهرة إقبال لاعبي كمال الأجسام على تعاطي جرعات متزايدة من هرمون النمو البشري دون وجود معرفة كافية بآثار تعاطي هرمون النمو, سواء السلبية أو الإيجابية أو طريقة عمله داخل الجسم أو حتى عدد و كمية الجرعات المناسبة للجسم و رغم ذلك يستمر الكثير من لاعبي كمال الأجسام في زيادة كمية الجرعات و عدد مرات أخذها مدفوعين برغبة جامحة لتحقيق النمو العضلي و الجسماني بالإضافة إلى تضليل المتاجرين في بيع هذا الهرمون لهم و كأنه الهرمون الساحر صانع المعجزات !

و على الجانب الآخر يتجنب العديد من الخبراء و الأطباء الرياضيين تناول هذا الموضوع بالبحث , و سواء عزونا هذا التكتم بعدم إلمام هؤلاء بكافة الأبعاد العلمية لهذا الموضوع – تماماً مثل الرياضيين الذين يتعاطون هرمون النمو البشري – أو للإنشغال بموضوعات أخرى فإننا نجد لزاماً علينا أن ننشر على صفحات مدونتنا بعض المعلومات المتواضعة الخاصة بهرمون النمو البشر و لعل تلك البداية تكون فاتحة لشيء أفضل يستهدف وضع بذرة وعي موضوعي متواضعة لدى الباحثين و علماء التغذية , و لدى لاعبي كمال الأجسام بشكل خاص .

و يؤمن من يتعاطون هرمون النمو البشري بقدرة هذا الهرمون على زيادة النمو العضلي  الجسماني لديهم , و ذلك كما تدعي العديد من المصادر و ما تثبته التجارب العلمية و المعملية , إذن يجب أولاً البدء بهذه التجارب , إن تلك التجارب العلمية و المعملية كانت دائماً تتخذ أحد شكلين من حيث الأفراد موضع التجربة و هما :

- تجارب تمت على أفراد يعانون بالفعل نقصاً في هرمون النمو مثل الأقزام و قصار القامة و صغيري الحجم و المصابين بالتقزم من الأطفال , و بالنسبة لتلك التجارب فقد جاءت نتائجها إيجابية إلى حد ما.

- و تجارب تمت على أفراد أصحاء عاديين و بالنسبة لهذه التجارب جاءت النتائج غير مؤكدة و تتراوح بين بعض المؤشرات الإيجابية الضعيفة على عملية التمثيل الغذائي ( Positive anabolic effect ) و بين عدم تأثير هرمون النمو بأي شكل على الجسم.

و لكن نتائج التجارب الأولى هي فقط التي ترى النور و يبالغ في تصويرها , و يضاف إلى ذلك حقيقة أن تأثير هرمون النمو على عملية التمثيل الغذائي ينتج معظمه من هرمون آخر و هو عامل النمو شبيه الأنسولين (Insulin-like growth factor-1 ) أو إختصاراً ( IGF ( و الذي يزداد إفرازه في الجسم بعد بضع ساعات من إفراز أو تناول هرمون النمو البشري , بل إن هرمون النمو البشري نفسه يتعرض لعملية هدم سريعة بواسطة الكبد خلال ساعتين فقط , و الشيء الآخر الجدير بالذكر هو أن هرمون النمو يتم تصنيعه داخل الجسم بطريقة طبيعية لدى الأفراد الأصحاء , و تعاطي جرعات متزايدة منه من خارج الجسم يؤدي بالجسم إلى إفراز هرمون آخر و هو السوماتوستاتين ( Somatostatin ) و الذي يمنع عملية تمثيل هرمون النمو الطبيعي داخل الجسم.

و ذلك بالإضافة إلى أن إستمرار تعرض الخلايا لجرعات متزايدة من هرمون النمو تؤدي إلى ضعف حساسية الخلايا الجسدية للهرمون, و هو الوضع الذي يؤدي بدوره إلى إنعدام كفاءة هرمون النمو سواء الطبيعي أو المخلق في التأثير في الجسم.

يبقى الآن السؤال الأخير : ما هي الجرعة المناسبة اللازم تعاطيها من هرمون النمو إذا كان اللاعب يصر على ذلك ؟
من سوء الحظ أن معظم التجارب التي أجريت لتحديد كمية و عدد مثل هذه الجرعات قد تم إجراؤها كلها على أفراد يعانون نقص هرمون النمو طبيعياً, مما يجعل نتائجها غير صالحة للتطبيق على الأفراد الأصحاء الذين لا يحتاجون إلى جرعات هرمون النمو البشري بالقدر الذي يحتاج إليه هؤلاء الذين يعانون نقصاً في إنتاجه الطبيعي داخل أجسامهم .

و لمزيد من الحظ السيئ فإن أولى بوادر الجرعة المثلى من هرمون النمو هي زيادة المحتوى المائي الخلوي ( Extra cellular water ) و تلك أيضاً هي أولى بوادر الآثار الجانبية للإفراط في تناول جرعات هرمون النمو البشري, فما يعادل 50% من زيادة وزن الجسم التي تحدث أثناء تناول هرمون النمو تنتج من زيادة كميات هذا المحتوى المائي الفوق خلوي في الجسم.

و لهذا تتضارب نتائج الأبحاث بخصوص الجرعة المثلى من هرمون النمو البشري , فبينما يؤكد الكثير منها أن الجرعة المثلى هي ثلاث وحداث يومية من هرمون النمو في حالة نقص الإنتاج الطبيعي للهرمون بالجسم, فإن الكثير من الأبحاث الأخرى يؤكد أن أقل من نصف هذه الكمية يزيد على الجرعة المثلى و التي يقترحون أن تكون 1,1 وحدة يومية فقط و بالنسبة لمن يعانون نقصاً طبيعياً في إنتاج الهرمون من ذوي الأعمار ( 20-40 سناً ).

و لكن النصيحة الأخيرة المؤكدة هي ضرورة أن تؤخذ جرعات هرمون النمو بطريقة متدرجة سواء بالزيادة أو النقصان , و هو ما يحدث في تعاطي الهرمونات بشكل عام , فالجسم يحتاج إلى الكثير من الوقت حتى يتكيف مع التغيرات الهرمونية , فتعاطي جرعات كبيرة بطريقة مفاجئة أو الإقلاع عن تعاطي الهرمون مرة واحدة قد يؤدي إلى حدوث خلل شديد بالجسم .

أخيراً يعتبر هرمون النمو المخلق المثالي هو الهرمون الذي يحتوي على نفس عدد الأحماض الأمينية الموجودة في هرمون النمو البشري الطبيعي و هي 192 حمضاً أمينياً , لكن في بعض هرمونات النمو المخلقة لا يماثل الناتج هرمون النمو البشري الطبيعي حيث يحتوي على شوائب من الحمض الأميني الميثيونين ( methyonine ) و لذلك فإن 30% من المتعاطين تتكون لديهم أجسام مضادة للهرمون بحيث تؤدي إلى إبطال مفعوله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اللبن الزبادي أمل جديد على الساحة الرياضية

أقراص خلاصة الكبد و لاعب كمال الأجسام

السيلينيوم و فوائده و وظيفة الغدة الدرقية