دور العامل النفسي في حياة الرياضيين و لاعبي كمال الأجسام


قالوا قديماً إن الإنسان ما هو إلا ماكينة حيوية يمكن العبث بها و توجيهها إلى الوجهة التي يفضلها البعض , و لكن هذا القول صار ضرباً من الأقوال التي عفي عنها الزمن , و لكن بعد هذه الطفرة في جميع ميادين التكنولوجيا إنكشف الستار عن هؤلاء الدجالين الذين إعتقدوا أنهم ببعض الحيل و التأثيرات النفسية يمكنهم السيطرة على الجنس البشري و يصنعون منه هرقل و طرازان و سوبرمان و غيرهم الكثير و الكثير من الخارقين, و قد أوضحت هذه الطفرة التكنولوجية أن الإنسان ما هو إلا مجموعة من التراكيب المعقدة التي تخضع للعديد من المؤثرات الداخلية و الخارجية مثل العوامل الوراثية و كيمياء الجسم الحيوية و كذلك العمليات الذهنية و البيئة الإجتماعية.

و يمكن دمج كل ذلك في أنه هناك عدة جوانب تتدخل في تكوين طبيعة الإنسان منها الجانب الذهني و النفسي و الجانب الحيوي الذي غالباً يتم تقديمه على الجانب الجسماني ذلك بالإضافة إلى الجانب الإجتماعي , فهذه الجوانب الثلاثة تتداخل و تتفاعل مع بعضها البعض لتنمية السلوك الإنساني, و من هذا المنطلق يجب أن يكون هناك توافق بين هذه الجوانب ليزداد التحكم و السيطرة على سلوك الفرد الذاتي حيث أنه لا يمكن لأي فرد أن يتجاهل أياً من هذه الجوانب.

و نفس المضمون ينطبق على الأداء الرياضي, حيث إنه عند رغبة الرياضي في الوصول إلى المستوى الذي يفضله و الذي يكون دائماً الأفضل يجب عليه أن ينتبه جيداً ليس فقط لكيمياء الجسم و لكن أيضاً للبيئة المحيطة به و نفسيته التي تؤهله لإرتقاء أفضل المراتب الرياضية التي يطمح إلى إرتقائها.
و عندما يركز المتدرب على أحد هذه الجوانب مع إهمال الجوانب الأخرى فإن ذلك يدخل ضمن نطاق الأخطاء التي أقل ما توصف به أنها هدامة و تقلب الموازين رأساً على عقب .

و مع ذلك فإن الكثير من الرياضيين يجهلون حقيقة أن أدائهم يتوقف على الكفاءة التي يتمتع بها كل من العامل النفسي و الجانب الإجتماعي, و قد أوضحت آخر الدراسات التي أجريت في معهد الدراسات النفسية أن العديد من الرياضيين يكون العامل النفسي سبباً في تقدمهم أو إنحصار إنجازاتهم و خصوصاً عند تركز أثر العامل النفسي على الأداء.

و مع ذلك وجد أن التحكم  في السلوك النفسي و العاطفي و خصوصاً قبل و أثناء إجراء المنافسات يكون له أفضل الأثر للوصول إلى الحد الأقصى للأداء, و يعتمد الكثير من الأبطال الرياضيين على تأثير العامل النفسي فقط في أثناء المسابقة و يتجاهلون هذا التأثير أو يركزون على الحد الأدنى منه في أثناء الدورات التدريبية.

و كثير من اللاعبين لا يلقون بالاً للضغوط التنافسية و يدعون الأمر إلى وقت المسابقة فقط, حيث إن المسابقة خير معلم لذلك! و لكن من لم يذق التنافس قبل الإشتراك في المسابقات فلن يشعر إلا بمرارة الهزيمة في أثناء إشتراكه في المسابقة.
و لسوء الحظ يوجد الكثير من الرياضيين الذين يجدون صعوبة في الإنضباط داخل ساحة التنافس, و المقصود بالإنضباط هنا هو التوازن النفسي , و بدلاً من ضبطه و تعديله فإنهم يشتركون في المسابقات و الخوف يعلو وجوههم و الفشل يملأ نفسيتهم, و بالتالي عندما ينضح الإناء بما فيه يكون الفشل هو الرفيق دائماً في كل خطوة يخطوها.

و لكي يتجنب اللاعب كل ذلك عليه أن يصنع لنفسه مناخاً تنافسياً مشابهاً لما يحدث في أروقة المنافسات في أثناء برنامجه التدريبي ليعود ذلك بفهمه و إدراكه للمناخ المحيط بالمنافسة و لا يكون هذا الوضع جديداً بالنسبة له, و بمعنى آخر يمكن للمتدرب التدريب تحت نفس الظروف التي من الممكن أن يتعرض لها في أثناء المسابقة , و هو في ذلك يجب أن يستعين ببعض الضغوط الإجتماعية و الفسيولوجية إلى جانب بعض الضغوط الناشئة عن الأداء الفني و ذلك لتحفيز المناخ التنافسي حول اللاعب .

و دعنا نأخذ رياضة الجمباز مثالاً على ذلك, حيث إن العديد من المدربين يقومون ببث العديد من أصوات الضجيج عبر مكبرات الصوت في أثناء أداء اللاعبين لبرنامجهم التدريبي حيث أن ذلك يتيح مناخاً تنافسياً يحفز اللاعبين على التعود على الجو الذي تتم فيه المنافسات.

و كان لاعبي كرة القدم أصحاب السبق في تدعيم هذا الجانب النفسي حيث يتم تقسيم اللاعبين إلى فريقين تقام بينهما مباراة شبيهة تماماً بتلك التي سوف تحدث مع الفريق المنافس, و بعض المسئولين و المدربين يقومون بتقسيم اللاعبين بنفس لون الزي و الأرقام التي يحمله كل لاعب و منافسه و المكان الذي يشغله حتى يوضع اللاعب في مباراة حقيقية لا ينقصها سوى إعتماد النتيجة التي تتوقف على مدى إستيعاب اللاعبين للموقف الذي هم فيه.

الأداء التدريبي
يتوقف الأداء التدريبي على عدة عوامل مهمة نذكر منها الكيف التدريبي و ليس الكم كما هو متبع في العديد من الرياضات , كما أن الأداء التدريبي الأمثل يتوقف على مدى الضغوط التي يتعرض لها اللاعب في تدريبه و يكون لها أثار نفسية جيدة و إيجابية تعين اللاعب على الأداء السليم.

و بالنسبة للمبتدئين و خصوصاً لاعبي كمال الأجسام يجب عليهم ترتيب و تنظيم المناخ التدريبي و أداء المجموعات التدريبية بالمدى الحركي الكامل الذي يستطيع اللاعب الوصول إليه قدر الإمكان , كما يلزم على اللاعب إستخدام الساعة الميقاتية و الأضواء المستخدمة في التحكيم و مكبرات لصوت المشاهدين و ذلك يضاعف الأثر التدريبي و يعّود اللاعبين على التأقلم مع الظروف التي تتم فيها المنافسات.

و عن طريق نسخ الضغوط النفسية و الإجتماعية و الفنية و ضغوط الظروف التدريبية و تعريض اللاعب لها و خصوصاً عندما يشب مع التعرض لهذه الظروف و الضغوط فإن اللاعب بذلك يستطيع تحجيم خوفه و السيطرة على نفسيته قبل الخوض في التنافسات العديدة , و بهذه الطريقة يكون اللاعب قد إكتسب الخبرة التي تؤهله لخوض المنافسات دون الخوف من شيء حيث أن كل ما يشاهده خلال المسابقة قد تعرض له سابقاً أثناء التدريب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اللبن الزبادي أمل جديد على الساحة الرياضية

أقراص خلاصة الكبد و لاعب كمال الأجسام

السيلينيوم و فوائده و وظيفة الغدة الدرقية