كيف تكافح مرض السرطان من خلال الرياضة


إكتشف العلماء فائدة ممارسة الإنسان أنشطة عضلية على وظائف حيوية يقوم بها جسمه , حيث تلعب دوراً في وقايته من الإصابة ببعض أنواع السرطان! و ذكر خبراء في المعهد الأمريكي  لبحوث السرطان فائدة ممارسة الرياضة البدنية بشكل منتظم  في تشجيع حدوث تغيرات داخل جسم الإنسان تقاوم الإصابة بالسرطان, و أظهرت دراسات علمية حديثة حدوث تأثيرات وقائية بشكل خاص ضد حدوث سرطان القولون.

حيث يسبب المجهود الجسمي المبذول في ممارسة الرياضة حدوث تغيرات مرغوبة في الأوعية الدموية و عضلة القلب و يزيد السعة التنفسية للرئتين و يحسن حركة الأمعاء و يضبط تركيز بعض الهرمونات المفرزة في الجسم و يساعد في الوصول إلى حالة إتزان الطاقة في الخلايا و يحسن وظائف الجهاز المناعي في الجسم و يزيد فاعلية المركبات المضادة للأكسدة الموجودة داخل الخلايا و يسرع إصلاح التلف في جزيء د. ن. أ الوراثي الموجود في الخلايا , و جميعها قد يكون له دور في الوقاية من حدوث السرطان, و الرياضة البدنية عموماً تساعد جسم الإنسان على التحكم بأنظمته الحيوية دون تجاوز في عملها.

و قد نشر المعهد الأمريكي لبحوث السرطان تقريراً تحليلياً على 4500 دراسة علمية ربطت بين نوعية الطعام و مكوناته و حدوث السرطان, أكدت بشكل عام فائدة الرياضة البدنية في الوقاية من حدوث هذا المرض, و أوضحت دراسات علمية أجريت خلال السنوات العشر الأخيرة إنخفاض معدل إصابة مجموعات بشرية كبيرة بالسرطان نتيجة زيادة نشاطها البدني خلال حياتها اليومية , و الكثير من الدراسات تؤكد العلاقة العكسية بين ممارسة الرياضة البدنية و إنخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون و الثدي و البروستاتا ( الموثة ) و أورام خبيثة أخرى.
و تساعد الدراسات المخبرية و التجارب السريرية على فهم التغيرات الفسيولوجية التي تحدث داخل جسم الإنسان عندما يمارس الأنشطة الجسمية بشكل منتظم.

كما أجريت دراسات خاصة حول الدور الوقائي للنشاط العضلي المبذول في منع حدوث الإصابة بسرطان القولون و الثدي و بطانة الرحم في المرأة , و سرطان البروستاتا و الخصيتين في الرجال, و سرطان الرئة في كلا الجنسين, لكن حظيت بشكل خاصة دراسة فائدة ممارسة النشاط البدني في الوقاية من حدوث سرطان القولون بإهتمام عدد متزايد من العلماء.

و تختلف تأثيرات المجهود العضلي الذي يبذله جسم الإنسان حسب طبيعته و طول فترته و عدد مرات ممارسته, و يكون النشاط العضلي المبذول بمختلف شدته فعالاً ضد حدوث مختلف أنواع السرطان.
و بشكل عام تكون بعض أنواع الأنشطة العضلية أفضل من غيرها و النوع المعتدل منها له تأثيرات مفيدة في تقليل خطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان, حيث يلعب النشاط العضلي لجسم الإنسان دوراً في حدوث حالة إتزان الطاقة في الخلايا مما يقيها من حدوث خلل يسبب السرطان فيما بعد.

آليات فعالية الرياضة في الوقاية من الكثير من أنواع السرطانات:

تعد الرياضة البدنية ذات دور وقائي من حدوث بعض أنواع السرطان نتيجة تأثيراتها المرغوبة المتوقعة في الجسم و هي تشمل أساساً ما يلي:
- الرياضة لها تأثيرات إيجابية على معدل إفراز هرمون الأنسولين في الجسم و على فعاليته داخل الخلايا, كما تؤثر الرياضة سلباً في إفراز هرمون بروستاجلاندين و تركيز حمض الصفراء و جميعها له تأثيرات منشطة لإنقسام و نمو الخلايا السرطانية في أنسجة الجسم.

- تفيد ممارسة النشاط العضلي في إنقاص وقت إنتقال فضلات الطعام عبر القولون إلى خارج الجسم و بالتالي يقصر زمن الإتصال بين المركبات المسرطنة الموجودة في فضلات الطعام و الغشاء المخاطي المبطن للقولون , و قد يفسر ذلك العلاقة العكسية بين درجة النشاط الجسمي للإنسان و خطر إصابته بسرطان القولون.

- وجود إرتباط شديد بين تركيز الهرمونات الجنسية  المفرزة في الجسم و تكوين أورام خبيثة في الثدي و الرحم في النساء , حيث يؤثر النشاط البدني بشكل إيجابي على عمليات إنتاج الإنزيمات و الأيض الغذائي في الخلايا و إفراز الهرمونات الجنسية داخل الجسم و بالتالي إرتباطها الحيوي بمنع و تثبيط تكوين هذه الأورام الخبيثة في الجسم.

- تفيد ممارسة الإنسان لأنشطة عضلية في تقليل خطر إصابته بأنواع من السرطان مرتبطة بالبدانة و إرتفاع وزن الجسم , فغالبا ما ترتفع نسبة حدوث السرطان بين أصحاب البدانة , عن طريق تأثير الرياضة على مقدار وزن الجسم و تركيبه بجعلها طبيعيين.

كيفية الوقاية من سرطان القولون عن طريق ممارسة الرياضة
أشارت دراسات إنتشار الأمراض ( epidemiology studies ) على عينات عشوائية من الرجال إلى وجود علاقة قوية بين درجة نشاطهم الجسمي المرتبط بنوع المهن التي يمارسونها و قلة معدل إصابتهم بسرطان القولون , حيث يقلل زيادة النشاط الجسمي للشخص و الذي قد يكون على شكل مشي سريع أو سباحة أو غيرهما من خطر الإصابة بسرطان القولون, و قد أكدت ذلك دراسة علمية على وجود إرتباط عكسي بين درجة النشاط العضلي المبذول للجسم و حدوث سرطان القولون, حيث ينقص خطر إصابة المرأة و الرجل النشطين بدنياً بهذا المرض الخبيث إلى نحو النصف بالمقارنة بأشخاص آخرين حياتهم كسولة.

و أشارت دراسة علمية حديثة إلى فائدة ممارسة الشخص3-4 ساعات من المشي السريع كل أسبوع في وقايته من إصابته بالسرطان و خاصة في القولون, و تتوافر أدلة علمية علمية عديدة تدعم التأثير الوقائي للنشاط الجسمي ضد حدوث هذا النوع من السرطان , و إقترحوا عدة فرضيات علمية تفسر ذلك أهمها:

1- يتحرك الطعام في الجهاز الهضمي بسرعة أكبر في أجسام الأشخاص الذين يمارسون أنشطة جسدية عن الآخرين الذين يعيشون حياة كسولة, و هذا يقلل من وجود أحماض الصفراء و المواد الغذائية المسببة للسرطان في الأغشية المبطنة لجدار القولون, و بالتالي يقل شدة التلف الخلوي الذي قد تسببه و يؤدي في النهاية لظهور مرض السرطان.

2- تحافظ الرياضة البدنية المنتظمة على تركيز الدهون الثلاثية و سكر الجلوكوز و هرمون الأنسولين قريبة من حدودها الطبيعية , حيث يؤدي وجود تركيز مرتفع من السكر و الدهون في الدم إلى تشجيع النمو الخلوي لخلايا الجسم و خلايا الدم بشكل خاص.

أيضاً تساعد الرياضة البدنية المنتظمة على التقليل من تركيز هرمون بروستاجلاندين و مركبات شبيهة بالهرمونات التي تشجع تكاثر الخلايا و تكوين الخلايا التي تنقسم بسرعة أكثر إحتمالاً لتكوينها الورم الخبيث.

إنقاص الوزن و تأثيره في خفض خطر السرطان
ترتبط بعض فوائد النشاط الجسمي للإنسان بتأثيراته على كتلة الجسم ككل أو بمعنى آخر إنقاص وزن البدين للوصول إلى حدوده الطبيعية , و جاء في تقرير علمي عن الصحة و التغذية أن الرجال البدناء أكثر إحتمالاً بنسبة 33% للموت من السرطان عن الأشخاص الآخرين ذوي الأوزان الطبيعية, كما أن النساء البدينات أكثر إحتمالاً للموت نتيجة السرطان بنسبة 55%, و يمكن أن يعزى هذا الإختلاف جزئياً إلى البيئة الحيوية الخاصة للمرأة قبل توقف طمثها و قبل وصولها إلى سن اليأس.

يفرز هرمون إستراديول و هو أكثر الأشكال الفعالة لهرمون الإستروجين البشري رئيسياً في مبايض الإناث قبل بلوغها سن اليأس ثم يتكون بعد توقف الطمث للمرأة بشكل كامل داخل الأنسجة الدهنية في جسمها, و يؤدي تراكم الدهون داخل أجسام النساء البدينات قبل سن اليأس إلى وجود كميات مرتفعة من الإستراديول و هذا غالباً ما يؤدي إلى خطر إصابتهن بسرطان الثدي, و تساعد ممارسة أولئك النسوة رياضة بدنية مناسبة في إنقاص مخزون أجسامهن من الدهون , أيضاً تساعد النساء اللواتي لديهن مخزون أقل من الدهون في أجسامهن على المحافظة على تركيز هرمون الإستراديول في مستواه الطبيعي لديهن.

و يحسن النشاط الجسمي للشخص كفاءة تهوية رئتيه و نفاذية الخلايا فيها للهواء الذي يقلل تركيز المركبات المسرطنة الموجودة في المجرى التنفسي كما يقصر فترة تفاعلاتها فيه.
لكن العلاقة العكسية بين مقدار النشاط الجسمي المبذول للرجال و إصابتهم بسرطان الرئة ليس مؤكداً تماماً , فقد يختلف الأشخاص الذين يمارسون أنشطة عضلية عن الآخرين الكسالى في حياتهم في إستعدادهم الوراثي و عاداتهم الغذائية و تدخينهم السجائر و شربهم الكحوليات.

الرياضة ضد سرطان الثدي
أشارت نتائج دراسة حديثة إلى فائدة ممارسة الأنثى للنشاط العضلي في سن مبكرة , حيث يكون فعالاً في تقليل خطر إصابتها بسرطان الثدي , فقد تبين أن هناك دور مهم للنشاط المهني و زيادة النشاط المنزلي في تخفيف معدل حدوث سرطان الثدي إلى حوالي 30% و يعتمد ذلك على نوع و طول مدة و شدة الأنشطة العضلية التي يمارسنها.

لكن كانت نتائج مثل هذه الدراسة العلمية أقل ثباتاً من تأكيد علاقة الرياضة البدنية بالوقاية من حدوث سرطان القولون, و قد يعكس ذلك وجود علاقة أضعف أو إختلاف قوة هذا الإرتباط خلال مراحل حياة الأنثى في زيادة خطر إصابتها بسرطان الثدي, مثل عوامل تكاثرية و مقدار معامل كتلة جسمها ( I.M.B ) أي ببساطة شكواها من البدانة, و أشارت بعض الدراسات العلمية إلى وجود علاقة بين ممارسة المرأة نشاطاً جسمياً كافياً خلال حياتها اليومية , و نقص خطر إصابتها بسرطان الرحم.

لاحظ الأطباء خلال مراقبتهم الأشخاص الرياضيين إحتواء دمائهم على تركيز أقل من هرمون تستوستيرون عن الأشخاص العاديين و هو يقلل معدل حدوث الإصابة بسرطان البروستاتا, مما دفع إلى التنبيه بأهمية ممارسة النشاط الجسمي في الوقاية من حدوث مثل هذا النوع من السرطان.

و أظهرت دراسة علمية أخرى أن الأشخاص الذين يمارسون رياضة السباحة أو الركض 15-20 ميلاً كل أسبوع بشكل مستمر مثلاً يقل معدل إصابتهم بسرطان البروستاتا و يأتي ترتيب هذا المرض في الموقع الأول بين أمراض السرطان بالولايات المتحدة.

و قد ظهر حديثاً إهتمام متزايد بتشجيع ممارسة النشاط العضلي في علاج و تأهيل ضحايا مرض السرطان, فيمكن للنشاط البدني تقليل إحتمال إعادة حدوث السرطان بعد إستئصاله أو علاجه كيماوياً, كما يزيد فرص حياة الضحايا لهذا المرض عن طريق زيادة حركة أجسامهم و تقليل شعورهم بالتعب و تعزيز الوظيفة المناعية في خلايا الجسم.

خلاصة القول
ظهر للكثير من العلماء وجود علاقة عكسية بين النشاط الجسمي المبذول و حدوث الإصابة بالسرطان , و واجهت الدراسات العلمية حول العلاقة الوثيقة بينهما عوائق عديدة و منها ما يخص قصر طول فترته و ضعف دقة إختيار حالاتها و الإختلاف في مراحل حدوث السرطان للأشخاص الذين أجريت عليهم, لكن مازالت طبيعة التعديلات المثالية المطلوبة في حياة الإنسان و شدة النشاط العضلي المطلوب منه بذله , و طول فترته و عدد مرات ممارسته بهدف وقايته من الإصابة بالعديد من أنواع السرطان خلال مختلف مراحل عمره, تحتاج إلى مزيد من البحث و الدراسة.

و بلا شك يفيد تشجيع الناس على ممارسة أنشطة بدنية كافية بشكل يومي كالمشي و السباحة و ركوب الدراجات لفوائدها في تقليل خطر حدوث بعض الأمراض المزمنة مثل مرض القلب الإكليلي و مرض السكر غير المعتمد على الأنسولين , كما أن لها دور وقائي ضد حدوث الإصابة ببعض أنواع السرطان, و هناك ضرورة لإجراء المزيد من الدراسات العلمية حول علاقة النشاط الجسمي بحدوث أنواع من الأورام الخبيثة مثل أورام بطانة الرحم و البروستاتا و الرئة و الدم.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اللبن الزبادي أمل جديد على الساحة الرياضية

أقراص خلاصة الكبد و لاعب كمال الأجسام

السيلينيوم و فوائده و وظيفة الغدة الدرقية