فوائد الحركة البدنية على صحة الإنسان


لو إعتنى كل إنسان بصحته فإنه من الصعب أن يجد هذا الإنسان طبيباً يعرف ما هو مفيد لصحته أكثر منه هو نفسه , و يشير العالم الألماني مانفرد كنلنخر في كتابه ( سبعة مبادئ من أجل الحفاظ على الصحة ) إلى أن هناك سبع توصيات للشخص الذي يسعى إلى صحة جيدة , و هي أولاً أن يتنفس بشكل جيد , و أن يأكل و يشرب و يتحرك و يسترخي و يفكر و ينتبه بشكل صحيح .

و يقول عالم الفسيولوجيا الروسي أرشافسكي : " إني أضع مبادئ كنلنخر في ترتيب آخر , في الدرجة الأولى ( النظام الحركي ) و هو أن تكون لنا المقدرة على الحركة الصحيحة , أما البقية ففي تدرج بالتسلسل فيما بعد , فكلما زادت حركة الإنسان فقد طاقة ناتجة عن الغذاء و الشراب و التنفس و زادت حيويته البدنية و النفسية ".

لقد قدر العلماء أهمية الحركة بالنسبة للإنسان منذ العصور القديمة , و لقد إستخدم المؤرخ و الطبيب اليوناني هيرودتس ( 484-425 ق . م ) التمرين البدني بنجاح في العلاج في كتابه ( قانون الطب ) و قام العالم العربي إبن سينا بتعميم تجربة الأطباء السابقين , و قدم توصيات في إستخدام الإنسان للحركة و الغذاء الصحيح من أجل الحفاظ على صحة جيدة .

قال الطبيب الفرنسي المعروف سيمون أندريه تيسو ( في القرن الثامن عشر ) : " ممكن أن تحل الحركة مكان أي وسيلة علاجية , لكن كل الوسائل العلاجية في العالم لا تستطيع أن تحل مكان تأثير الحركة ".

هناك أمثلة عديدة لأناس أصيبوا بأمراض و بنكبات صحية , لكنهم لم يفقدوا الأمل بل صارعوا هذه الأمراض و إستخدموا التمارين البدنية , من هؤلاء ( نورمان كرير ) الذي إبتلي بأمراض خطيرة عديدة كعرق النسا و إلتهاب المفاصل و تليف عضلات الرقبة و العمود الفقري , و أجريت له عملية جراحية كبيرة تم خلالها إستئصال ثلثي معدته , ثم تتوج ذلك كله بجلطة قلبية رهيبة من النوع الخطير فرضت عليه حياة أشبه بحياة الإنسان الكسيح, مدة خمس سنوات , إستطاع نورمان خلالها بمثابرة و تصميم نادرين و من خلال برنامج رياضي و غذائي صارم وضعه لنفسه أن يعود إنساناً معافى تتدفق الحياة الجياشة من جنباته.

و لقد كان صعود نورمان كرير سلم أعلى عمارة في العالم في ذلك الوقت و هي عمارة ( الإمبايرستيت ) بنيويورك التي يبلغ تعداد درجاتها 1860 درجة دون توقف خلال 45 دقيقة أبرز ما أنجزه كإنسان معتل القلب سقيم البنيان و برهاناً ساطعاً لعظمة الرياضة كوسيلة علاجية.

هرقل السيرك مصاب

و مثال آخر هو لاعب السيرك الروسي فالنتين ديكول الذي كان يعتبر هرقل السيرك , و قد أصيب في عموده الفقري إصابة جعلته يفقد القدرة على المشي , لكنه بواسطة وعيه و قناعته بأن للتمرين البدني أثراً و فائدة إستطاع بممارسته لتمارين القوة أن يقف على رجليه , بل و أصبح فيما بعد يعالج كثيراً من المقعدين و المصابين الذين فقدوا الأمل في إمكانية المشي خطوة واحدة .

من أجل الحفاظ على صحة جيدة يقترح العلماء أن يسير الشخص من 10-30 ألف خطوة في اليوم , أما غيرهم فيقترح أن يمارس الشخص التمارين البدنية من 6-10 ساعات في الأسبوع, و يقترح معهد الأبحاث للتربية البدنية في روسيا أن يمارس الناس ذوو الأعمار المختلفة الرياضة كالتالي :
مرحلة ما قبل المدرسة : من 21-28 ساعة في الأسبوع   
مرحلة المدرسة من 14-21 ساعة
مرحلة الجامعة من 10-14 ساعة
الذين يعملون في الأعمال البدنية من 6-10 ساعات في الأسبوع

كما هو معروف أنه بعد الثلاثين يبدأ النشاط الحركي بالإنخفاض , كما يلاحظ تدني مستوى الصفات البدنية ( القوة – التحمل – السرعة و غيرها ) و يقصر طول الجسم في سن 40-44 عاماً و يزداد وزن الجسم نسبياً في سن 25-49 و يكون الوزن ملحوظاً أكثر في سن 30-39 عاماً , و في ذلك الوقت يزداد محيط القفص الصدري , و مع تقدم السن تصبح للجسم ميزة التأثر السريع بالنقص الحركي الذي يؤدي إلى حدوث تغيرات وظيفية و مورفولوجية , و تزداد التغيرات مع تقدم السن , و كلما تقدم السن كلما كانت الحاجة لممارسة التمارين البدنية أكثر , و كلما توجب زيادة الوقت المصروف فيها.

لقد أثبتت البحوث أنه في حالة اللاحركة تزداد نبضات القلب من 12-20 دقة في الدقيقة , و بعد ثلاثين يوماً تصل إلى 26-27 دقة في الدقيقة , كما ينخفض إستيعاب الجسم للأكسجين بنسبة 33% وتسوء عملية تهوية الرئتين , و تضعف ديناميكية عملية الهضم , فيزداد إخراج الكالسيوم مع البول , و يتراكم الفوسفور في الجسم بحيث يساعد على ظهور الحصى في الكلى و إنتقال العدوى إلى المثانة و إلى الإمساك , و إختلال تبادل المواد , و إلى نقص الدم المشارك في الدورة الدموية .

و في حالة اللاحركة الدائمة يجري فيها ما يقارب 55-75% من الدم أما الباقي فإنه يبقى في الكبد بشكل إحتياطي , كما أنه في حالة النقص الحركي الدائم قد تسوء الحالة النفسية و تقل مقاومة الجسم للمؤثرات الخارجية كما تسوء عملية التبادل الحراري بين الجسم و الوسط الخارجي.

دور التمارين

يعتبر التمرين وسيلة مهمة من أجل نمو صحيح للجهاز العظمي و الجهاز العضلي ( الجهاز الداعم للحركة ) , بفضل التمرين البدني تكتسب العظام قوة و ثباتاً أكثر , و يزداد طولها و عرضها , و ذلك نتيجة لتضخم العظم الأصم الذي يعتبر عاملاً مهماً أثناء التوتر و الإجهاد العضلي الكبير الذي يحتاج إلى صلابة ميكانيكية عالية للعظام و فاعلية لجهاز المفاصل و الروابط.

بفضل التمرين البدني يزداد وزن العضلات و حجمها عند الشخص , فمثلاً تشكل العضلات عند الإنسان الرياضي 40-45% من وزن الجسم , و بهذا تزداد قوة العضلات و تصبح أكثر إقتصاداً في صرف الطاقة من العضلة الغير مدربة , كما يزيد إحتواؤها على البروتينات التي بفضلها تزداد سرعة العضلات و معدل إنقباضها و تزداد مطاطيتها , كما تتوسع شبكة الشعيرات الدموية بها , حيث يتحسن إمداد هذه العضلات بالدم, بالإضافة إلى ذلك فإن العضلة المدربة تستطيع الإستمرار في العمل فترة أطول , أي أنها تمتلك ميزة المقاومة للتعب أكثر من العضلة الغير مدربة.

تعمل التمارين البدنية على زيادة قوة العضلات التنفسية التي بفضلها تتكامل الحركات التنفسية ( العضلات فيما بين الضلوع , الحجاب الحاجز و غيرها ) , و هذا يساعد على زيادة عملية تهوية الرئتين , فقد يصل معدل تهوية الرئتين أثناء العمل البدني ( كالركض مثلاً ) إلى 150-180 لتراً من الهواء في الدقيقة , كما تزداد السعة الحيوية العامة للرئتين ( أكبر حجم للهواء ممكن تعبئته في الرئتين ) , فمثلاً يلاحظ أن حجم الهواء عند ممارس التمارين البدنية يبلغ ( 8-9 لترات ) , أما الذي لا يمارس التمارين البدنية فحجم الهواء لديه يبلغ ( 3,5-5 لترات ) و تصل سرعة التنفس في الدقيقة الواحدة أثناء النشاط البدني إلى 50 مرة , و في حالة الهدوء تكون هذه السرعة 12-14 مرة في الدقيقة عند الرياضيين , أما عند غيرهم فهي 15-20 مرة.

بفضل ممارسة التمارين الرياضية يبلغ المتطلب الأقصى من الأكسجين ( و هو أكبر كمية من الأكسجين التي يتطلبها الجسم في الدقيقة الواحدة أثناء النشاط العضلي الشديد ) عند الشخص المتدرب حوالي 5-6 لترات , أما عند من لا يمارس الرياضة فإنه لا يزيد عن 3,5 لترات

إن إبراز هذه الفوارق في الكثير من الدلائل بين الإنسان الذي يمارس التمرين البدني و الذي لا يمارسه ما هي إلا محاولة لإعطائه فكرة واضحة عن فوائد التمارين البدنية و تأثيرها على الجسم.

يقول علامة الطب أموساف ن . م : "يدفع القلب 4 لترات من الدم في الدقيقة الواحدة و هذه الكمية كافية من أجل تأمين الأكسجين للجسم في حالة الهدوء و من الممكن أن تدفع عضلة القلب 20 لتراً من الدم في الدقيقة الواحدة لكي تؤمن الأكسجين للعضلات التي تقوم بعمل بدني مضن , و في هذه الحالة تكون قد أشبعت هذه العضلات بالأكسجين و قامت بعملها على أكمل وجه , و لكن لو إفترضنا أن هذه العضلة لم تكن مؤهلة لدفع هذه الكمية من الدم , بل هي مؤهلة فقط لأن تدفع 6 لترات من الدم في الدقيقة كحد أقصى لها , فماذا سيحدث في هذه الحالة إذا كان القلب مضطراً لأداء عمل يتطلب ضخ 20 لتراً من الدم في الدقيقة ؟

النتيجة واضحة , و هي أنه في غضون عدة دقائق سوف تكون الأنسجة بحاجة ماسة إلى أكسجين , إذ تقوم العضلات بأخذ كل الأكسجين من الدم , و سوف يؤدي ذلك إلى صداع أو أعراض أخرى .

لنتصور أن إنساناً بمقدور قلبه دفع 20 لتراً من الدم في الدقيقة , و قد أصيب هذا الشخص بالتيفوئيد الطفحي , حيث تصل درجة حرارة الجسم إلى 40 درجة مئوية , كما يتضاعف إحتياج الجسم للأكسجين و هنا يبرز تساؤل هو : هل سيتأثر القلب المتدرب من جراء ذلك ؟ بالطبع لا , فإنه سيستطيع أن يصمد أمام حمل كهذا بأربعة أضعاف .

و لكن ماذا سيحدث لهذا القلب الضعيف الذي بمقدوره أن يدفع 6 لترات من الدم في الدقيقة الواحدة كحد أقصى ؟ و الجواب هو أن أنسجته ستصاب تدريجياً بالموت , حيث أنه ليس بمقدوره إعطاء حجم مضاعف من الدم , و تكون النتيجة بأن ينفذ المرض بشكل أسرع إلى الجسم.

الرياضة و العادات

إن الرياضي الذي يمارس نوعاً معيناً من الرياضة يكون هدفه بالإضافة إلى تحسين الصحة – على الرغم من أن الكثيرين من الرياضيين لا يضعون هذا الهدف أمامهم – تحقيق الفوز الرياضي , كما أنه خلال هذا النشاط الرياضي تنشأ علاقة بين الرياضيين و تعتبر هذه العلاقة أحد حوافز النشاط البدني.

أما بالنسبة للأشخاص الذين يمارسون الرياضة بغية تحسين الصحة فقط فمن الصعب أن نسميهم رياضيين , لأن الرياضة تنسب في كثير من الأحوال إلى النشاط التنافسي.

و يجب أن يفهم الإنسان معنى التمارين الرياضية و أهميتها للجسم , و أن يتحول هذا الفهم لقناعات بوجوب الممارسة اليومية لهذه التمارين التي تصبح فيما بعد عادة لها أهمية أخلاقية و معنوية و إجتماعية.

ليس الوعي بهذه الأمور إلا خطوة أولى , لأن الثقافة بصفتها مجموعة من المعارف لا تكفي إلا إذا تحولت إلى قناعات , و من ثم إلى ممارسة تتلاءم مع سلوك الإنسان و متطلباته الحياتية.

ليس المهم أن نضع أمامنا كلمة ( كيف ) : كيف أقلل وزني ؟ كيف أركض ؟ و ذلك دون أن يكون هناك ظروف مهيأة لذلك , فالإمكانات المادية و طرق التمارين و وسائلها هما عاملان مهمان يعدان من الحوافز لأجل ممارسة التمرين البدني , لكن الأهم من ذلك هو خلق إرادة قوية تهيئ النفس لذلك , و إن كل إنسان يسعى إلى التكامل لا يستطيع الوصول إليه ما لم يكن سليماً بدنياً و متكاملاً أيضاً.

القلب عندما يتدرب !

وزن قلب الإنسان ( 250-350 ) جراماً , و يدفع 60-80 ملليمتراً من الدم في الشرايين في كل نبضة , أي ما يقارب 300 لتر في الساعة , و ألف لتر في اليوم , و قد تصل الكمية التي يدفعها في اليوم الواحد إلى 1500 لتر عند الأشخاص الذين يعانون من النقص الحركي, و من تدني مستوى الإعداد البدني.

إن عمل القلب بحاجة إلى جهد كبير من أجل القيام بهذه المهمة , و قد يزداد هذا الجهد عندما يقوم الشخص بإلقاء حمل كبير على عضلة قلبه من خلال الجهد البدني المضني المتواصل, و بتناول الغذاء المليء بالدهون الزائدة عن حاجة الجسم و بالتدخين و بإهمال تدريب هذه العضلة و نقص الأكسجين قد تكون النتيجة عدم إستطاعة هذا الجهاز الصغير القيام بمهمته على أكمل وجه و إصابته بالأمراض المتعددة .

يدفع القلب المتدرب الذي يزيد بوزنه و بحجمه عن القلب غير المتدرب ما يقارب سبعة لترات من الدم في الدقيقة الواحدة إلى الشرايين بينما يتراوح ما يدفعه القلب غير المتدرب من 4-5 لترات في الدقيقة الواحدة , و يعود ذلك إلى المستوى العالي لإعداد هذه العضلة عند الذين يمارسون التمارين البدنية التي تساعد على إستيعاب كمية أكبر من الأكسجين.

من المعروف أن متوسط نبضات القلب عند الإنسان 70 دقة في الدقيقة الواحدة في حالة الهدوء , أي أن عضلة القلب تنقبض 70 مرة في الدقيقة الواحدة في حالة الهدوء , أي أن عضلة القلب تنقبض 70 مرة في الدقيقة الواحدة دافعة كمية من الدم في الشرايين , و كلما كانت هذه العضلة قوية زاد ضخها لهذه الكمية , و إستوعب الجسم كمية أكبر من الدم لتغذية أجزائه المختلفة , كما أن دفع كمية أكبر من الدم في النبضة الواحدة يساعد على إنخفاض عدد هذه النبضات في الدقيقة الواحدة , فقد تزيد عن 70 دقة في الدقيقة عند الأشخاص الذين يعانون من النقص الحركي , و تقل عند المتدربين الذين قد يصل النبض عندهم إلى 50-55 دقة في الدقيقة .

و قد لوحظ أنه يصل عند بعض الرياضيين العالميين إلى 38 دقة في الدقيقة , و هذا يعني أن القلب يقوم بدفع أكثر من سبع لترات من الدم في الدقيقة الواحدة عبر 38 نبضة , و كلما كانت عضلة القلب أقوى دفعت أكثر من الدم في النبضة الواحدة و قلت سرعة النبض في الدقيقة.

يحسن التمرين البدني عمل القلب و يقويه و يساعد على إمداده بالأكسجين , فأثناء التمرين البدني قد يرتفع جريان الدم إلى خمسة أضعاف جريانه في أوعية القلب, كما أن حاجة عضلة القلب للأكسجين في حالة الهدوء مرتفعة جداً , أما أثناء العمل البدني فإنها تزداد بزيادة سرعة جريان الدم في أوعية القلب , كما تطول فترة الإنبساط ( فترة إسترخاء عضلة القلب ) حيث يساعد هذا عضلة القلب على إستيعاب مزيد من الأكسجين.

يتزايد جريان الدم أثناء النشاط البدني في الأوعية الدموية , و تدل البحوث أنه في المليمتر المربع الواحد يبلغ عدد الشعيرات الدموية من 30- 60 شعيرة دموية في حالة الهدوء , و بفضل ممارسة التمارين البدنية يلاحظ وجود 30 ألف شعيرة منتشرة في هذا المقطع الصغير ( مليمتر مربع واحد ) , أي أن أكثر الشعيرات الدموية لا تساهم في الدورة الدموية و تبقى مجمدة أثناء حالة الهدوء.

كما يزداد طول قطر الشعيرات الدموية بفضل ممارسة التمرينات الرياضية بمقدار الضعفين , و تساهم هذه الشعيرات بقسط وافر في الدورة الدموية في إيصال الغذاء و الأكسجين إلى العضلة.

يتغير معدل جريان الدم في الأعضاء المختلفة أثناء التمرين البدني , و حسب المعطيات العامة فإن جريان الدم في حالة الهدوء في العضلات يساوي أربعة مليمترات في الدقيقة لكل 100 جرام من النسيج العضلي , أما أثناء العمل الديناميكي الشديد فإنه يرتفع إلى 100-150 ميلليمتراً في الدقيقة لكل 100 جرام من النسيج العضلي , و بذلك يتضاعف جريان الدم في العضلات أثناء الحمل البدني الكبير و يصل إلى 15-20 ضعفاً, لكن لا تطرأ زيادة كبيرة في جريان الدم في الدماغ بل قد ينخفض الضغط في الدماغ أثناء الحمل البدني الشديد.

و تظهر إيجابيات التمرين البدني على عمل الدماغ بعد التمرين , أثناء مرحلة إستعادة النشاط و تشكل الدورة الدموية في الأعضاء الداخلية ( الكبد , الكلى , المسلك الهضمي ) أثناء حالة الهدوء 50% من حجم الدم الذي يدفعه القلب في الدقيقة الواحدة , أما أثناء الحمل البدني الأقصى فقد تنخفض الدورة الدموية إلى 3%-4% من حجم الدم الذي يدفعه القلب في الدقيقة الواحدة و ينخفض جريان الدم في الكبد أثناء الحمل البدني الشديد إلى 80% و في الكلى إلى 30-50% .

وسيلة وقاية

يؤدي نشاط العضلات إلى توسع الأوعية الدموية و إلى إنخفاض ضغط الدم الذي يؤدي إلى إنخفاض الحمل على القلب , لذلك يعتبر التمرين البدني وسيلة وقائية علاجية للتصدي لمرض ضغط الدم العالي, فأثناء التدريب المنتظم تزداد مرونة الأوعية الدموية التي كانت قد أصيبت بالتصلب من جراء التدخين و الغذاء المليء ( بالكوليسترول ) و غيره فتسمح للدم بالتنقل عبرها بطلاقة و بكمية أكبر , و بهذا تكون قد خففت من زيادة الضغط على القلب .

إن الإصابة بمرض ضغط الدم العالي تحدث أكثر لدى الأشخاص الذين يعانون من النقص الحركي , و إن ضغط الدم الإنقباضي ( السيستالي ) عند الرياضيين أقل مما هو عند غير الرياضيين .

يرتفع ضغط الدم الإنقباض أثناء النشاط الحركي , ففي الدقيقة الأولى و الثانية في العمل المتزن يطرأ إرتفاع ملحوظ على ضغط الدم , أما فيما بعد فإنه يأخذ موضع الثبات , بعد التوقف المفاجئ عن العمل في الثواني الخمس أو العشر الأولى قد يطرأ هبوط في ضغط الدم الأساسي , و قد يرتفع ليصل إلى مستوى الضغط الأساسي أو أكثر من ذلك , أما ضغط الدم الأدنى ( الإنبساطي ) فإنه ينخفض قليلاً بواسطة التدريب المنتظم , و يرتفع أثناء الحمل البدني الشديد.

من آثار ممارسة التمرين البدني الإيجابية على الجهاز الهضمي تنشيط عمل الكبد , و تحسين وظائف غدد الإفراز الداخلي مثل الغدة الدرقية و الفوق كلوية التي تلعب دوراً كبيراً في عملية النمو البدني.

و للتمرين البدني أيضاً تأثير كبير على مستوى السكر في الدم , فقد يتحسن مرض السكر عند الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية فيصبح أقل بكثير مما هو عند الذين يعانون من النقص الحركي, و بخاصة عند أصحاب المهن التي تعتمد على الجلوس الطويل , فإن ذلك يؤدي إلى تزايد نسبة السكر في الدم و ذلك بسبب عدم إستهلاكه .

فالتمرين البدني المنتظم يستهلك كثيراً من سكر ( الجلوكوز ) و أنواعاً من السكر الأخرى لأجل إعطاء الطاقة , كما يتحسن عمل الغدد التي تقوم بإفراز ( الأنسولين ) الذي يقوم بالتعامل مع سكر ( الجلوكوز ).

و يتزايد تكاثف حامض ( اللاكتيك ) بفعل تأثير الحمل البدني في الدم الذي له علاقة مباشرة مع تعب العضلات , فإذا تكاثف ( اللاكتيك ) ببطء فإن ذلك سوف يؤدي إلى تأخر بدء التعب, بحيث يكون تحمل العضلة أكبر , و يزداد هذا الحامض في الدم عند الأشخاص الذين يمارسون التمارين البدنية بإنتظام بنسبة أقل مما هو عند الذين لا يمارسونها بإنتظام.

حماية للجهاز العصبي

و يساعد التمرين البدني في تكامل الجهاز العصبي الذي يتميز بمستوى عال من التكيف مع المتطلبات الجديدة للوسط الخارجي المتغير, و عندما تؤثر المؤثرات على الجسم خلال وقت طويل يتشكل ما يسمى ( بالحركة الديناميكية  المبتذلة ) حيث يبدأ الجسم بالإستجابة لرد الفعل المبتذل ( المطبوع ) الذي يعتبر عاملاً إيجابياً لتأدية الشخص عملاً كان قد تعود عليه بسهولة , و دون صرف كبير للطاقة , و تركيز أفضل للإنتباه.

يلاحظ عند تعلم الشخص لحركة جديدة أنه يقوم بأدائها دون رشاقة , لكنه تدريجياً مع تكراره لها يصبح تنفيذها أكثر سرعة و دقة , و هنا يأتي دور التمرين البدني في أنه يساعد على إكتساب الحركات الجديدة بشكل أسرع و برشاقة أكثر دون تعقيد في أداء هذه الحركات الصعبة .

و نلاحظ دائماً أن تعلم الإنسان الرياضي لأداء حركة مهنية معينة يتم بسهولة و برشاقة , إذ تعد الحركة الديناميكية المبتذلة أساساً فسيولوجياً لنظام يومي أفضل لإمتلاك مهارات حركية , كما أنها تحمي الجهاز العصبي من التشوه الذي يؤدي إلى خلل في النشاط الطبيعي لأجهزة الجسم, و يقلل من إمكانية المقاومة للأحمال البدنية و النفسية.

لقد أصبح الحمل كبيراً في وقتنا الحاضر على الجهاز العصبي بفعل حياة التمدن التي نعيشها ( ضوضاء المدن , طبيعة الأجهزة الحديثة ) فقد زادت الطاقة العصبية أثناء العمل , و قل صرف الطاقة البدنية , و أصبح من الضروري حماية الجهاز العصبي من التوترات , و هذا يتطلب إتباع نظام يومي منتظم و تنظيم العمل الذهني و البدني, بالإضافة إلى التمرين البدني الذي يعد وسيلة مهمة من أجل إزالة هذه التوترات العصبية , و قد أصبح الكثير من أطباء الأمراض النفسية و العصبية يستخدمون التمارين البدنية وسيلة من الوسائل العلاجية للعديد من الأمراض , و ذلك بدلاً من الحبوب المهدئة و العقاقير الأخرى أو إضافة إليها.

بفضل التمرين البدني تزداد السرعة و الحركة للعمليات العصبية في الدماغ , و تصبح عمليتا الصادر و الوارد أكثر إتزاناً , كما أن الإنتقال المكثف للإشارات العصبية من العضلات إلى الدماغ يؤدي إلى تنشيط الدماغ, حيث يلاحظ هذا في فترة إستعادة الشفاء , فمثلاً لو تدرب شخص مساءاً فسوف يلاحظ تمتعه بالصفاء الذهني و المقدرة العالية على التذكر في اليوم التالي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اللبن الزبادي أمل جديد على الساحة الرياضية

أقراص خلاصة الكبد و لاعب كمال الأجسام

السيلينيوم و فوائده و وظيفة الغدة الدرقية